غيبة...قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ

لاأدري إن كانت هذه الليلة التي أشرفت على هزيعها الأخير،ستمرّكسابقاتها،وإن كنت أشعر أن لاشىء غير عادي حتى الآن على الأقل،كل شىء كما عهدته،الرائحة النتنه التي تدخل عنوة من خلال شقوق النافذة على الرغم من أنها محكمة الإغلاق دائما،حاولت كثيرا أن أدفع مالك العمارة المواجهة لبيتنا ليقوم بإصلاحات تحول دون تدفق مياه المجاري إلى الشارع،حيث تتشكل بركة مياه آسنة مما يجر على سكان الحي مشاكل صحية خطيرة ،ولم تفلح كل وسائل الإقناع..........هل أهدده؟.....أعوذ بالله،ومن أكون حتى أهدد أحد المكونات البشرية الوحيدة في هذا المجتمع؟...من الأفضل لي أن أتناسى الرائحة والبركة،وبخاصة أنني وكل سكان الحي قد أصبحنا مع الزمن نألفها،
.......شىء مضحك،يقال:شر البلية مايضحك.....بالنسبة لي فقد اعتدت على جو الحارة بكل معطياته،لدرجة أنني لم أعد أشعر بوجود الرائحة،لقد أصبحت جزءا معتادا من مكونات هواء حينا ثم إنني........
من هذا الذي يقتحم علي خلوتي في هذا الوقت المتأخر من الليل؟؟؟هل هو الأستاذ سليمان جارنا؟؟؟لكن.......
لا...لا،فهو لم يفعلها من قبل....ولكن.....لاحول ولا قوة إلا بالله.
-من بالباب؟
-أنا..........أنا جارتكم
ياإلهي...مابها؟ومن أين تتحدث؟ولماذا يرتجف صوتها؟هل أصابها مكروه؟ثم لماذا تطرق على بابي أنا بالتحديد؟فأنا أسكن وحيدا بعد سفر العائلة.
ماذا أفعل ياإلهي؟ولماذا بدأت أرتجف؟.......فأنا لم أكلمها من قبل...والمرات القليلة التي التقيتها فيها مصادفة
وهي تدخل أو تخرج من باب البناية تعد على على أصابع اليد الواحدة.
-هل أفتح لها الباب؟.......لا....لا.....لن أفتحه،ربما يكون فخا منصوبا لي،فأناغريب في بلد لاأعرف أحدا فيه،....مالي وللمشاكل؟فأنا في غنى عنها....لن أفتح.
-ولكن ماذا لو كانت بحاجة إلى مساعدة فعلا؟؟فهي كما حدثني جار لي شابة مطلقة تسكن وحدها،وإن كنت أسمع بين الحين والآخر في الهزيع الآخر من الليل طرقات خفيفة على باب شقتها،والتي كانت ملاصقة لشفتي....وكثيرا ماحدثتني نفسي.....وربما شيطاني...لافرق...أن أنظر من خلال(العين السحرية)،وكنت كلما هممت بذلك تحول بيني وبين العين السحرية صورة والدي....شيخي،تتمثل لي وتردعني....الشىء الذي جعلني ألصق على العين السحرية ملصقة عليها دعاية لقوارير الغاز.........
لقد انقطع الصوت الآن....ثم لم تعد هناك حركة على باب بيتي على الأقل.......هل ذهبت؟ولكن إلى أين....أظنها تطرق باب جارنا سليمان.........لتفعل ماتشاء....المهم أن تبتعد عني......(ألف أم تبكي ولا أمي)..سأعود إلى فراشي لأنام ساعات ،سأحاول أن أغمض عيني قليلا ،فقد مرت أيام لاأنام خلالها إلا ساعات قليلة في النهاربعد عودتي من العمل.....لماذا يحدث لي هذا؟لاأدري،فأنا والحمد لله لاأشكو من مرض أو قلق....لكنني أسرف في تناول المنبهات،وربما كان ذلك السبب في قلة نومي،إضافة إلى إدمان سماع نشرات الأخبار من قناة الجزيرة....
-ماهذه الجلبة والضوضاء خارج المنزل؟ولماذا تحركت سيارة سليمان مسرعة؟ربما ....لاأدري....سأغمض عيني الآن لعلني ....لعلني........
-ياإلهي لماذا يقطب والدي وينظر إلي بغضب لم أره منه من قبل؟؟؟.......فأنا لم أنم حتى صليت العشاء والقيام،ولم أنس حرفا واحدا من كل الأوراد التي أخذتها عنه،ثم إني توضأت قبل النوم......ثم......
-لماذا ياأبي....؟...أعني ياشيخي........ثم لماذا لاتضع العقال على رأسك؟هل أساء أحد إلى شرف أحد من قبيلتنا
-لاسمح الله-؟؟؟؟هل ....هل......ياإلهي...إنك تضايقني ياأبي....تكاد تخنقني...أحس أن الهواء الذي أتنفسه لم يعد
يكفيني.....أرجوك...أتوسل إليك....اصفعني...اقتلني....فقط أشر إلى ماأغضبك مني.......لماذا تقدم إلي كتابا مفتوحا؟ماذا تطلب مني أن أقرأ؟؟؟...سأقرأ ماتشير إليه...(مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)ياإلهي....لكنها ليست طيبة ياأبي......أعني إنها.....أستغفر الله العظيم.....لماذا تغلق الكتاب وتعطيه إلى الشيخ أحمد؟.....رحمه الله لازمك طيلة حياتك وأراه يلازمك في مماتك........ثم....ثم....لماذا تبصق في وجهي ياأبي؟؟؟.....أبي .....شيخي....أرجوك لاتذهب....لاتبتعد عني،فأنا أحتاجك.........أشر علي بما أفعل.....وسامحني
وسأقوم من فوري لألحق بالأستاذ سليمان...أظنه اصطحب الجارة في سيارته إلى المستشفى..........
- .....سأقوم.....سأقو.......سأ......س......
أستغفر الله العظيم وأتوب إليه....الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.
-هاهو ذا المؤذن يؤذن لصلاة الفجر،سأسبغ وضوئي وأذهب إلى المسجد لأداء صلاة الفجر،وحين أعود سألقي نظرة على باب شقة جارتنا،لأطمئن أن كل شىء هادىء وعادي.

قصة رائعة وقد شوقتني لمعرفة نهايتها..

قطر الندى كتب:قصة رائعة وقد شوقتني لمعرفة نهايتها..

وأنا متشوق أيضا لمعرفة النهاية....ولكن هذا مستحيل......لأنني تركت المنطقة وانتقلت إلى غيرها....فلا سبيل لمعرفة النهاية....ولاجدوى من ذلك......أحييك.