كابوس آخر ...قصة قصيرة بقلم عبد الرحمن سليم الضيخ
صفحة 1 من اصل 1
كابوس آخر ...قصة قصيرة بقلم عبد الرحمن سليم الضيخ
لم يكن يعلم حين قبّل جبين طفلته في المطار،وهو يودعها،ويودع زوجته على أمل اللقاء بهما وببقبة الأولاد والأحفاد بعد أسابيع قليلة،أن هذا اللقاء سيكون الأخير،أو على الأقل لن يكون لقاء قريب،ربما لأشهر،وقد يكون لسنوات.ومن يدري؟لعل معجزة تتدخل في لحظة ما قريبة أو بعيدة فتطوي الزمن والمسافة،وتفجر ينبوعا آخر كالذي اغتسل بمائه أيوب عليه السلام،فتعيد الأمر إلى طبيعته،وتسير الحياة مبتدئة باللحظة التي توقفت عندها،أي من المطار.ضحك في نفسه،بل لعله قهقه،ماالفرق؟طالما أن أحدا لن يسمع صوت قهقهته،أو يشاهد تغيرا في قسمات وجهه،ولا شبح انفراج في شفتيه،.........
كل شىء مايزال حتى اللحظة ساكنا،إلا من حركة الأنبوب الداخل في تجويف أنفه،ولا يدري أحد إلى أين سيصل به الأمر سوى الطبيب،كل مايشاهده الناظر إليه أنه بين الفينة والفينة يخرج من أنفه خلال الأنبوب سائل مزيج اللون بين الأحمر والأسود ليقع في تجويف في أسفل الأنبوب.
قال الطبيب ا لمشرف على علاجه:إن حالته حرجة جدا،وأنه أي الطبيب يفعل كل مابوسعه كي يوقف النزيف الحاد في الرئتين،بعد أن أوقف النزيف الدماغي دون تعقد،ثم إن الكسور المضاعفة في سائر الأطراف تزيد الأمر تعقيدا،فهو لايستطيع إجراء عمليات التجبير إلا بعد تحسن الحالة العامة،ثم أردف في آخر حديثه وهو مقطب:إننا ننتظر معجزة...أدعوا له فليس ينفعه شىء أكثر من الدعاء ......أكثروا من الدعاء ياسادة.....ثم خرج.
دفع باب المغارة الحجري بكلتا يديه،ثم دلف من خلال البوابة المظلمة مسرعا فأحس أنه يهوي في فراغ لاتنفع في ظلمته عينان مهما كان بصرهما نافذا.فكر بسرعة،لابد أن يصل إلى القاع أوعلىالأقل سيصطدم رأسه بجدار
ما ،أو بأي شىء آخر،وامتلأ هلعا......تمنى أن يغمى عليه كيلا يحسّ بالاصطدام أو ألم السقوط و.....شعر فجأة
أن شيئا ما لم يتبين كنهه قد أمسك به،إنه الآن معلق بين شيئين،لن يقول بين السماء والأرض،فالسماء فوق قمة الجبل الذي تقع المغارة عند قاعدته،والأرض؟أية أرض؟؟؟؟.لم يستطع متابعة التفكير،إذ شعر أن قوة ما تسحبه ببطء نحو الأعلى.....خمّن أن الوقت الذي سيستغرقه على هذه الحالة ليصل إلى باب المغارة لن يكون أقل من اسبوع،وربما أكثر،ودفع بسرعة فكرة انقطاع مايمكن أن يسمى حبلا يسحبه،أو قل يشدّه إلى الأعلى. وفجأة أحس
أنه أصبح عند باب المغارة،ورأى الباب مشرعا فخرج منه بسرعة خيالية،يدفعه هلع ورعب وخوف من سقوط آخر،لكنه هوى ثانية،واصطدم هذه المرة بماء غمره،شعر أن مئات الأيدي امتدت إلى جسمه وبدأت تدلكه بلطف جعله يهدأ ويستسلم ،وحين تلاشى إحساسه بالأيدي نهض مسرعاوهو يحس بغير قليل من الراحة الأقرب إلى النشوة و............
فتح عينيه،نظرإلى سقف الغرفة فرآه واضحا هذه المرة,ثم أحس برغبة في اكتشاف ماحوله،نظر أيمن منه فرأى
صديقه(أبو مرعي)والطبيب إلى جانبه ينظران إليه وابتسامة على شفاه كلّ منهما،ورأى دمعتين تنحدران من عيني (أبو مرعي)،الذي اقترب منه وانحنى ليقبل (الضماد)الذي عصب به جبينه ثم تمتم(الحمد لله على سلامتك ياأخي)و.........أخرجه من وطأة كابوسه صوت صديقه يقول له:
-قم ياأباالبراء......لقد حان وقت الدخول إلى الطائرة.
نهض متثاقلا يجرّ محفظته المتخمة بأوراق سوّدها خلال خمسة الشهور الأخيرة،إضافة إلى عدة رزم من الأوراق المالية الباهته التي قبضها ثمنا لغربة عام آخر.
"
كل شىء مايزال حتى اللحظة ساكنا،إلا من حركة الأنبوب الداخل في تجويف أنفه،ولا يدري أحد إلى أين سيصل به الأمر سوى الطبيب،كل مايشاهده الناظر إليه أنه بين الفينة والفينة يخرج من أنفه خلال الأنبوب سائل مزيج اللون بين الأحمر والأسود ليقع في تجويف في أسفل الأنبوب.
قال الطبيب ا لمشرف على علاجه:إن حالته حرجة جدا،وأنه أي الطبيب يفعل كل مابوسعه كي يوقف النزيف الحاد في الرئتين،بعد أن أوقف النزيف الدماغي دون تعقد،ثم إن الكسور المضاعفة في سائر الأطراف تزيد الأمر تعقيدا،فهو لايستطيع إجراء عمليات التجبير إلا بعد تحسن الحالة العامة،ثم أردف في آخر حديثه وهو مقطب:إننا ننتظر معجزة...أدعوا له فليس ينفعه شىء أكثر من الدعاء ......أكثروا من الدعاء ياسادة.....ثم خرج.
دفع باب المغارة الحجري بكلتا يديه،ثم دلف من خلال البوابة المظلمة مسرعا فأحس أنه يهوي في فراغ لاتنفع في ظلمته عينان مهما كان بصرهما نافذا.فكر بسرعة،لابد أن يصل إلى القاع أوعلىالأقل سيصطدم رأسه بجدار
ما ،أو بأي شىء آخر،وامتلأ هلعا......تمنى أن يغمى عليه كيلا يحسّ بالاصطدام أو ألم السقوط و.....شعر فجأة
أن شيئا ما لم يتبين كنهه قد أمسك به،إنه الآن معلق بين شيئين،لن يقول بين السماء والأرض،فالسماء فوق قمة الجبل الذي تقع المغارة عند قاعدته،والأرض؟أية أرض؟؟؟؟.لم يستطع متابعة التفكير،إذ شعر أن قوة ما تسحبه ببطء نحو الأعلى.....خمّن أن الوقت الذي سيستغرقه على هذه الحالة ليصل إلى باب المغارة لن يكون أقل من اسبوع،وربما أكثر،ودفع بسرعة فكرة انقطاع مايمكن أن يسمى حبلا يسحبه،أو قل يشدّه إلى الأعلى. وفجأة أحس
أنه أصبح عند باب المغارة،ورأى الباب مشرعا فخرج منه بسرعة خيالية،يدفعه هلع ورعب وخوف من سقوط آخر،لكنه هوى ثانية،واصطدم هذه المرة بماء غمره،شعر أن مئات الأيدي امتدت إلى جسمه وبدأت تدلكه بلطف جعله يهدأ ويستسلم ،وحين تلاشى إحساسه بالأيدي نهض مسرعاوهو يحس بغير قليل من الراحة الأقرب إلى النشوة و............
فتح عينيه،نظرإلى سقف الغرفة فرآه واضحا هذه المرة,ثم أحس برغبة في اكتشاف ماحوله،نظر أيمن منه فرأى
صديقه(أبو مرعي)والطبيب إلى جانبه ينظران إليه وابتسامة على شفاه كلّ منهما،ورأى دمعتين تنحدران من عيني (أبو مرعي)،الذي اقترب منه وانحنى ليقبل (الضماد)الذي عصب به جبينه ثم تمتم(الحمد لله على سلامتك ياأخي)و.........أخرجه من وطأة كابوسه صوت صديقه يقول له:
-قم ياأباالبراء......لقد حان وقت الدخول إلى الطائرة.
نهض متثاقلا يجرّ محفظته المتخمة بأوراق سوّدها خلال خمسة الشهور الأخيرة،إضافة إلى عدة رزم من الأوراق المالية الباهته التي قبضها ثمنا لغربة عام آخر.
"
أبو البراء- المساهمات : 262
تاريخ التسجيل : 14/02/2010
العمر : 73
مواضيع مماثلة
» هبة....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ
» غرق....قصة قصيرة جدا...:بقلم :عبد الرحمن سليم الضيخ
» السقوط....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ
» شبح ابتسامة...قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ
» غيبة...قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ
» غرق....قصة قصيرة جدا...:بقلم :عبد الرحمن سليم الضيخ
» السقوط....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ
» شبح ابتسامة...قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ
» غيبة...قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى