سألتها الوصل ...بقلم الشاعر عبد الرزاق الدرباس
صفحة 1 من اصل 1
سألتها الوصل ...بقلم الشاعر عبد الرزاق الدرباس
الزمان : إجازة عيد الأضحى / الخميس 3/12/2009م .
المكان : غرفة المكتب في بيتي الريفي شمال غرب سورية .
الجو خارج الغرفة شديد البرودة ، رؤوس أغصان السرو و الصنوبر الشامخة تتلوّى تحت سياط الريح قارسة البرودة ، العصافير تندسّ في شقوق الجدران و تشابك الأوراق علّها تجد الدفء ، الحركة في الشارع شبه معدومة إلا من صوت سيارة أو دراجة نارية تكسر حاجز الصمت ، السماء شاحبة ملبّدة بغيوم سوداء مبشرة بمطر غزير قادم ..
كنت خلف زجاج النافذة الشفاف أرمق المشهد ، و بجانبي مدفأة يتراقص فيها اللهب و ينشر في المكان أمناً و أنساً و متعة الدف في حين كل ما حولك يستغيث من البرد .
على الطاولة فنجان القهوة المحبب حيث عبقت رائحة البن و الهال و تصاعد البخار منه كسولا كأنه مسافر لا يريد المغادرة ، ما أجمل القصيدة في هذا الجو !!!
فرشت بياض الورقة أمامي ، و أمسكت قلمي برهبة كطالب خائف من أسئلة الامتحان فلا يعرف من أين يبدأ و بدأت أنتظر ..
استدرت يمينا فرأيت مكتبتي و مجلداتها و لوحة فوقها قد كتبت بالخط الكوفي تقول :
( و فوق كل ذي علم عليم ) لكني لم أستطع الكتابة .
عن شمالي كانت لوحة جدارية لمنظر طبيعي يأخذ الناظر إليه لعالم من التخيلات و الحرية و الجمال ، لكني لم أكتب .
أمامي بجانب الحاسوب لوحة مذهبة بخط الثلث تقول : ( و كان فضل الله عليك عظيما ) فحمدت ربي على كل حال لكني لم أستطع الكتابة .
عددت أضواء الثريا في سقف الغرفة ...
و الورد الشتوية الباردة في الحوض المجاور ...
دوائر السجادة السميكة ...ألوان الستائر ... أيام التقويم التي أمامي ...لكني لم أكتب .
أحسست أن الكلمات غزلان مطمئنة في حماها ففاجأها نمر جائع فتفرقت بددا ...
شعرت أن المعاني ( حمر مستنفرة فرت من قسورة ) ..
تخيلت الحروف أسراب حمام كانت تتزاحم حول رشة قمح شهي فسمعتْ طلقة الصياد فطارت مذعورة في كل اتجاه تاركة فراغا موحشا و ريشا تلعب به الريح.
ناديتها فلم تأبه بي ، توددتُ إليها فما لانت لي ، دعوتها فلم تجبني ، أغريتها فتمنعت ، توسلتُ إليها فصدتني كأنها ما سمعت بـ ( و أما السائل فلا تنهر ).
استسلمتُ و أعلنتُ انهزامي و نسيتُ القهوة تبرد دون أن أرتشفها و طويت ورقتي فارغة و أجنحتي متكسرة ، و غادرت الغرفة إلى جوّ آخرَ مختلف ، و هنا تذكرت شاعرا عربيا أحب فتاة من ذوات الخدور و ربات الستور و سألها الوصل فأبتْ لتتركه يتعذب ، فاعتل صاحبي حتى مات ، لكنه قبل الرحيل كتب قصيدة طويلة مشهورة منها :
سألتها الوصلَ ، قالتْ : أنتَ تعرفنا //مَن رامَ منا وصـالاً ماتَ بالكَمَـدِ
هم يحسدوني على موتي ، فواأسفي //حتى على الموتِ لا أخلو من الحسَدِ
أجل قررت نسيان الموضوع حتى تعود إلي راغبة بالوصل ، طائعة لأوامري ، معتذرة عن صدودها ،لتساعدني على ما ابتليت به من عشقها الذي أضناني.
"
المكان : غرفة المكتب في بيتي الريفي شمال غرب سورية .
الجو خارج الغرفة شديد البرودة ، رؤوس أغصان السرو و الصنوبر الشامخة تتلوّى تحت سياط الريح قارسة البرودة ، العصافير تندسّ في شقوق الجدران و تشابك الأوراق علّها تجد الدفء ، الحركة في الشارع شبه معدومة إلا من صوت سيارة أو دراجة نارية تكسر حاجز الصمت ، السماء شاحبة ملبّدة بغيوم سوداء مبشرة بمطر غزير قادم ..
كنت خلف زجاج النافذة الشفاف أرمق المشهد ، و بجانبي مدفأة يتراقص فيها اللهب و ينشر في المكان أمناً و أنساً و متعة الدف في حين كل ما حولك يستغيث من البرد .
على الطاولة فنجان القهوة المحبب حيث عبقت رائحة البن و الهال و تصاعد البخار منه كسولا كأنه مسافر لا يريد المغادرة ، ما أجمل القصيدة في هذا الجو !!!
فرشت بياض الورقة أمامي ، و أمسكت قلمي برهبة كطالب خائف من أسئلة الامتحان فلا يعرف من أين يبدأ و بدأت أنتظر ..
استدرت يمينا فرأيت مكتبتي و مجلداتها و لوحة فوقها قد كتبت بالخط الكوفي تقول :
( و فوق كل ذي علم عليم ) لكني لم أستطع الكتابة .
عن شمالي كانت لوحة جدارية لمنظر طبيعي يأخذ الناظر إليه لعالم من التخيلات و الحرية و الجمال ، لكني لم أكتب .
أمامي بجانب الحاسوب لوحة مذهبة بخط الثلث تقول : ( و كان فضل الله عليك عظيما ) فحمدت ربي على كل حال لكني لم أستطع الكتابة .
عددت أضواء الثريا في سقف الغرفة ...
و الورد الشتوية الباردة في الحوض المجاور ...
دوائر السجادة السميكة ...ألوان الستائر ... أيام التقويم التي أمامي ...لكني لم أكتب .
أحسست أن الكلمات غزلان مطمئنة في حماها ففاجأها نمر جائع فتفرقت بددا ...
شعرت أن المعاني ( حمر مستنفرة فرت من قسورة ) ..
تخيلت الحروف أسراب حمام كانت تتزاحم حول رشة قمح شهي فسمعتْ طلقة الصياد فطارت مذعورة في كل اتجاه تاركة فراغا موحشا و ريشا تلعب به الريح.
ناديتها فلم تأبه بي ، توددتُ إليها فما لانت لي ، دعوتها فلم تجبني ، أغريتها فتمنعت ، توسلتُ إليها فصدتني كأنها ما سمعت بـ ( و أما السائل فلا تنهر ).
استسلمتُ و أعلنتُ انهزامي و نسيتُ القهوة تبرد دون أن أرتشفها و طويت ورقتي فارغة و أجنحتي متكسرة ، و غادرت الغرفة إلى جوّ آخرَ مختلف ، و هنا تذكرت شاعرا عربيا أحب فتاة من ذوات الخدور و ربات الستور و سألها الوصل فأبتْ لتتركه يتعذب ، فاعتل صاحبي حتى مات ، لكنه قبل الرحيل كتب قصيدة طويلة مشهورة منها :
سألتها الوصلَ ، قالتْ : أنتَ تعرفنا //مَن رامَ منا وصـالاً ماتَ بالكَمَـدِ
هم يحسدوني على موتي ، فواأسفي //حتى على الموتِ لا أخلو من الحسَدِ
أجل قررت نسيان الموضوع حتى تعود إلي راغبة بالوصل ، طائعة لأوامري ، معتذرة عن صدودها ،لتساعدني على ما ابتليت به من عشقها الذي أضناني.
"
عبد الرحمن- المساهمات : 232
تاريخ التسجيل : 23/01/2010
مواضيع مماثلة
» قصص قصيرة جدا ....الشاعر عبد الرزاق الدرباس
» الشاعر:عبد الرزاق حمدو الدرباس
» ارتحال...شعر:عبد الرزاق الدرباس
» ارتحال...شعر:عبد الرزاق الدرباس
» قصص قصيرة جدا.......عبد الرزاق الدرباس
» الشاعر:عبد الرزاق حمدو الدرباس
» ارتحال...شعر:عبد الرزاق الدرباس
» ارتحال...شعر:عبد الرزاق الدرباس
» قصص قصيرة جدا.......عبد الرزاق الدرباس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى