مولد النّور...شعر:عبد الرحمن سليم الضيخ

الحــمــد لله خــيــر الحمد يُـبـتــدر = والشـــكر لله شـــكــرٌ مـالـه نـــزرُ
أزكى الصلاةعلى خيرالورى شرفاً = يزكوبهاالبدوفي الصحراء والحضر
.........................
قُدّستِ يا أرضَ أجدادي و ما أثَرُوا == ترابُكِ المسكُ فوقَ الأرضِ ينتشر
و عفوَ درّتِك السمراءِ إنْ عثرتْ == قوافلُ اللّحنِ أو أقوى بها الوتر
ضممتِ في أرضِك الفيحاءِ ألويةً == لخيرِ من شيّدُوا التاريخَ أو عَمَرُوا
تسلْسلَتْ من ضميرِ التربِ سانحة == من سيّدِ العطرِ منها البيتُ يأتزر
وأقبلَتْ نبعه من خيرِ ما صنعت == يدُ العظيمِ من الأنوارِ تنهمر
زها على الخلق زهرٌ في عرائشِها == بمَنْ حوتْهُ, وماسَ الترْبُ والشجر
وحُقّ للأرضِ أرضِ الله زهوتُها == بما تكرَّم في أفيائِها القدر
بيتٌ و خيرُ نبيٍّ في منائِرها == تضفي على الكون قدساً ليس ينحسر
تضيء للخلقِ دربَ الحقِّ واضحةً == تنئيهمُ عن شفا جُرْفٍ له شرر
شوقي إليها يذيبُ القلبَ من وَلَهٍ == فينتحي قدسَ ركنيها و يعتمر
***********
عفوَ الإلهِ إذا ما قصرّ الوتر == فالأمر يعجز عن إدراكِهِ البشر
فالأمر ليس حديثاً في مجاملةٍ == ولا عواطفَ يذكي حرّها السَّمرُ
ولا قوافيَ في مدحٍ لذي نشبٍ == ولا نفاقاً لظُلاّمٍ لهمْ خطر
وليسَ سعياً لمالٍ أو لجائزةٍ == وليس وعظاً تغطي نهجَه العبرُ
وإنّما فرحةً بيضاءُ تنسجها == ذكرى يشعشعُ في محرابها البصر
ذكرى ولادةِ خيرِ الخلقِ من مضرٍ == ومن تسامت به فوق العُلا مضر
إنْ كان شهرُ ربيعٍ حاز مكرمةً == على الشهورِ بيومٍ منه يُشتهر
فكلّ يومٍ ربيعٌ في جوانحِنا == نصونُه و بهِ نرقى و نزدهر
فنعم شهرٌ بيومٍ فيه قد ألقَتْ == عرائسُ الحُوْرِ في الجنّات تنتظر
وازّينَتْ جنباتُ الأرضِ وازدهرت == رياضها الغُرُّ يزهو فوحُها العَطرُ
***********

يا سيّد الخلقِ ما دبّجْتُ قافيةً == إلا تزاحمَتِ الأفكارُ و الصوّر
ماذا يقول كليْلُ الحرفِ في علمٍ == أثنَتْ على خُلْقهِ الآياتُ والسّورُ
ماذا يقولُ بذكرى جالَ صاحبُها == في سُدّةِ ما دنا من قدسها بشر
يا سيّد الخلقِ في قلبي لو اجتمعت == على الجبالِ من الأفراح تنفطر
فإنْ تعثَر قلبي في مسالِكِها == فكمْ من الخلقِ في أفراحِهم عثروا
فإنني من قَبيلِ المصطفى خُتِمَتْ == بنورِ دعوتِهِ الأديان و النذر
يا خيرَ من حملَتْ أنثى و من وَلدتْ == ويشهدُ النّجمُ و الأنواءُ و القمر
ويشهدُ الخلق و القرآنُ و السّور == ويشهدُ الترب و الأشجار و الحجر
كانت ولادتُه بشرى بأشرعةٍ == تنجي الخليقةَ من كفرٍ به ائتزروا
هي انعتاقٌ لأهلِ الأرضِ من سقرٍ == ويعلمُ الخلق ماذا تحتوي سقر
**********
ذرْني وما خطّتِ الألواحُ أو رقمت == أقلامُ من أبدعوا فيها ومن سَطَرُوا
ذرْني إذا ضجَّتِ الأفراحُ أسكبُها == جذلى تقزّمُ ما غنّوا وما نثروا
ذرْني فأفراحُ قلبي ليس تعدلها == بمولِدِ المصطفى أفراحُ من غبَرُوا
فلو سلكتُ شموساً عقدَ قافيةٍ == لقصّرتْ وسرى في حالها الخوَرَ
ولو تمازجَ دُرُّ الأرضِ منتظماً == واللؤلؤُ الحُرُّ عن وصفِ الهوى قصَروا
ولستُ في حُبّ خيرِ الخلْقِ منفرداً == بحبّهِ كلُّ أهلِ الأرضِ تفتخر
يا قاصدينَ دياراً طابَ مسكنُها == أجاءَكم عن معنَّىً في الهوى خبر
أجاءكمْ أنَّ أهلَ الحُبّ جنّتُهم == عطرُ الصّلاة على المحبوبِ ما ذكروا
وليسَ ينسون في حلٍّ وفي سفرٍ == صلاتُهم زادُهم مهما نأى السّفر
ودُفُّهمْ لحنُ قلبٍ ذاكرٍ أبداً == إن جُنّ ليلُهُمُ قاموا و ما فتروا
*********

يا يوم شرَف أهلَ الأرض سيّدَهُمْ == في فجرِهِ فاستحال المسك ينتثر
وأطفئت نارُ أهل الكفرِ ما انطفأت == من ألفِ عامٍ بزيت الجهل تستعر
وزلزلت جنباتُ الشركِ و انحسرَتْ == أمواجُهُ و اعتراهُ السقم والكدر
و صُفِدت أذرعُ الشيطانِ و انكفأت == أمُّ الشياطين تضغو حيث تنحصر
كلُّ الجبابرِ مادَتْ تحت أرجلِهِمْ == عروشُهُمْ و تهاوت تحتها السُّرُر
وقال كلّ حليمٍ بينَ عزوتِهِ == ماذا يخبِّيء في أدراجِهِ القدر؟!
و استبشرت كلّ نفسٍ تحت فِطرتها == فقد أطلّ على الأكوانِ مُنتَظَرُ
قد اعلموا من رسالاتٍ لهم سبقت == أن يُرسِلَ الله مبعوثاً به أُمِروا
فيُمرِعُ الخيرُ في أرجائِها ألِقاً == وينتشي البدوُ في الصحراءِ و الحضر
ويُرفعُ الحقُّ فوق الأرضِ ألويةً == غرّاءَ يوادُ من لألائها الضّرر
**********
حدّثْ بسيرةِ خيرِ الخلقِ عاطرةً == قد خطْها مبدعُ الإحسانِ مقتدر
طفولة رغمَ يتمٍ ليس تشبهُها == طفولةٌ إن تباهَتْ في العلا السّيَرُ
فلم يشارِكْ بلهوٍ عابثٍ أبداً == وما تلاعبَ في أفعالِهِ الصِّغَرُ
لم يشكُ من فعلِهِ جدٌّ تكفَلْهُ == ولمْ يصبْ عمَّهُ من فعلهِ ضَجَرُ
حياؤهُ مسلكٌ قولا تؤيّدُهُ == أفعالُهُ البيضُ لا يعروهما نزر
أمانةٌ صاغَها الرّحمنُ أوسمةً == لخير مؤتمن منه الورى انبهروا
و خيرُ من حكَّمَ الأقوامُ إذ شجرَتْ == بينَ البطونِ خلافاتٌ لها خطر
و رحمةٌ ملأت قلباً وحلمُ فتىً == و أبعدُ النّاس عن قومٍ إذا فجروا
العدلُ شيمتُه يعفو كمقتدرٍ == إذ يثأر النّاسُ في جهلٍ لهم أشِرُ
أتقى الخلائقِ في قولٍ وفي عملٍ == و خيرُ من حملوا الجلى ومن صبروا
*********

المصطفى من جميعِ الخلقِ أرسله == كي ينقذَ الناسَ من كفرٍ به غُمروا
في حضنِ غارٍ حباه الله منزلةً == فكان مهداً ببدءِ النّور يبتدر
دعا العشيرةَ سراً فاستجاب له == من خيرهِمْ نبعة بالحقِ قد نُصروا
و يجهرُ المصطفى بالحقّ مبتدراً == أهلَ الحلوم فضجّوا ثمّة انفجروا
ساموا النبيَّ و أهلَ الحقّ خسفهمُ == ليصرفوهم عن الإيمان ما قدروا
ما زادَ خيرُ الورى عن دعوةٍ بهدىً == لمن أساؤوا ومن آذوا ومن زجروا
فعرّش الحقُّ في أرجائِها ألِقاً == جزيرةَ العُرْبِ يبني مجدها الظّفَرُ
و أقبلَ النّاسُ من مصرٍ ومن يمنِ == من الشآمِ إلى الإسلامِ قد نفروا
ويُسلمُ الناسُ أفواجاً لخالقهم == يسبّحون بحمدِ اللهِ ما عَمروُا
و زُلزلَ الكُفرُ واجتاحته نائبةً == لم يبْقَ للكفرِ في أرجائنا أثر
*********
أرِّخْ لدولةِ أهلِ الله يا قدرُ == قد جاهدوا كفرَ أهلِ الأرضِ وانتصروا
وعمّروها رياضاً طاب منبتُها == و أهلُها بالتقى و الحبّ قد زخروا
يقودُهمْ خيرُ خلق الله أيّدهُ == بالمعجزات ، فلا هونٌ ولا وزر
في معهدِ الحقّ أنجادٌ يعلمهم == ديناً و دنيا و حبّاً دونه الدّرر
فذا عتيقٌ وصدّيقٌ يلازمُهُ == و سيّدُ العدلِ من أصحابِه عمر
وذا الحييُّ بذي النُّورين لقبَهُ == وذا عليٌّ و صحبٌ حوله كثر
إن حاربوا انتصروا أو جادلوا غلبوا == هم الكرامُ بيسرٍ أو إذا عُسروا
إن جَنّ ليلهُمُ قامُوا وما هجعوا == كأنّ مهدَهُمُ في حشوه إبر
أخلاقُهم بكتابِ اللهِ تأتزر == دموعُهُمْ حين تُتلى آيُهُ مطر
و قدوةٌ لهُمُ خيرُ الورى خلقاً == و حُبُّ قدوتِهِم مهما نأوا سُترُ
*********

روحي فداءُ أبي الزّهراءِ إنْ أثِمَتْ == يدُ البغاةِ ذنوباً ليس تغتفر
وما يوسوسَ شيطانٌ لملتهِ == من زخرفِ القولِ حقداً راحَ يشتجر
أغراهُمُ الضعفُ فينافانبرَوا فِرَقاً == فبئسَ مارسمُوا زوراً و ما زبروا
فداكْ يا سيَّد الأكوانِ أفئدةٌ == هبَّتْ لنصرِكَ ممّا شوَّهَ البَطر
فداكَ أمتُكَ العظمى يزلزلها == ما حاكَ أتباعُ إبليسٍ و ما كفروا
فالنور سوفَ يضىءُ الكونَ أجمَعَهُ == برغمِ ما نصَبُوا شَركاً وما حَفروا
وسوفَ يصرعُهُم حقدٌ يوجّههُمْ == وسوفَ تحرقهُمْ في ويلِها الصُّوَرُ
وينصرُ اللهُ قولَ الحقِ يرفعُهُ == نوراً يسبّحِ في لألائِهِ السّمَرُ
يا رحمةَ اللهِ للأكوانِ يا علماً == للسّلمِ أينعَ في أفيائِهِ الثمر
ذكرى ولادتِكُمْ عِيْدٌ لأفئدةٍ == مُذ كانَ لألاؤُها في القلبِ ما عثروا
*********
أرخ لذكرى لها في القلبِ ساحتُهُ == لها الجوانحُ و الأقوالُ و النّظرُ
لها الولاء حياتي لستُ أنزعُهُ == لها هواي إلى أن ينفدَ العمرُ
فإنْ تسامى دعاةُ المجدِ وارتفعوا == فقومُ أحمدَ هامُ المجدِ إن فخروا
فمجدُهُمْ دائمُ الإشعاعِ ما بقيتْ == آياتُ ربّكَ حتى يُرْفَعَ الحشرُ
عذراً إليك إلهَ العرشِ إن قصرُتْ == باعُ المدائحِ أو أقوى بي العُذْرُ
فخيِرُ خلقِكَ قرآنٌ على قدمٍ == أدّى الأمانةَ فانجابَتْ به الغيَرُ
فليسَ يبلغُ وصفَ المصطفى قلمٌ == و لا قوافٍ و لا نثرٌ و لا وترُ
لكنّ قلبي في ذكرى ولادتِهِ == روضٌ يسبَحُ في أفيائِهِ الزّهَرُ
صلى عليهِ إلهُ العرشِ ما سطعت == شمسٌ و قبلَ وجهَ التربةِ المطرُ
وما سجى الليلُ وانداحتْ ظلامتُهُ == ما عاشَ حيٌ و ما أودَتْ بهِ الحفر

شعر: عبد الرحمن سليم الضّيخ