منتديات الشاعر عبد الرحمن سليم الضيخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هبة....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ

اذهب الى الأسفل

هبة....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ Empty هبة....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ

مُساهمة  أبو البراء الجمعة فبراير 19, 2010 2:48 pm

عباءة الليل الثقيلة تلف كل الفضاءات التي تحيط به،يحاول أن يفتح عينيه بأقصى اتساعهما،علّهما أو قل
علّ احداهما تعكس في صفحتها بؤرة نور.........ولابأس أن تكون صغيرة،ولو بحجم رأس الدبوس،وعنما فشلتا
في ذلك حاول أن يساعدهما بحركات من يديه.......رفع كفيه وجال بهما أمامه راسما بحركتيهما أنصاف دوائر...
وهذه المرة فشل أيضا.......حاول اليأس أن يزرع في قلبه عباءة ليل أخرى،وأن، يحقن أعصابه بشحنة غيظ أخرى
ثم فتح له طريق الجنون....إلا أن ذلك كله لم يحركه،أو قل لم يدفعه إلى اليأس،وركوب درب الشيطان.......تذكّر انه مايزال يملك أسهما أخرى يمكن أن يطلقها،فلعل أحدها يحرره من كابوسه الذي يجثم على كل ذراته ويضغطه
إلى الأسفل......أخرج من جعبة خياله صورة شيخ كث اللحية ثم أضفى عليها من مخزونه بياضا جعلها واضحة كل الوضوح أمام بصيرته.........نظر في عينيه،وربما كانت المرة الأولى التي يتجرأ فيها على فعل ذلك...........
فلا يتذكر أنه رفع بصره أمام شيخه احتراما له......كما أنه لم يطلب منه مرة شيئا بفمه وصوته......الشيخ في كل مرة كان يمنحه مكرمة كما يسمونها،تملأ مساحة واسعة من قلبه وعقله فيتمثلها قولا وسلوكا.....لكن في هذه المرة
ألا يختلف الأمر؟تساءل.....لكنه عاد وأغمض عينيه ،فقد تذكّر أن الطلب من الشيخ يعتبر من قلة الأدب من المريد فأحس أن عباءة ثالثة ثقيلة قد لفت ذراته كلها مرة أخرى،شعر بدبيب حبات من العرق البارد على جبهته
ثم تحدرت من خلال شعر حاجبيه إلى عينيه المغمضتين،شعر بحرقة غير محتملة في عينيه،حاول أن يتخلص منها بدعكهما بكلتا يديه،إلا أنها أخذت تشتد وتخرجه على الاحتمال.....فتح عينيه بسرعة وكأنه أراد أن يقذف بهذا الشىء خارج عينيه وظن أنه سيوالي الاغماض والاطباق،إلا أنه فوجىء بما جعله يثبتهما على ماانعكس فيهما.........ياإلهي....ماهذا...إنهما عينا شيخه...إنه يعرفهما....إنهما تتسعان....تتسعان.....ماتزالان تتسعان........
لقد أصبحت كل واحدة منهما بحيرة كبيرة ....بل بحرا واسعا....واسعا،لم أعد أرى الساحل الآخر..................

وقف عند الشاطىء يحدق مندهشا لسكون هذا البحر وصفاء مائه،لم يقف طويلا فقد رأى من بعيد سفينةلم يشاهد مثلها في حقيفة أو خيال،رآها تقبل مسرعة حتى وقفت عند الشاطىء،وامتدت يد بيضاء وكأنها صيغت من نور الشمس عند الضحى،أمسكت بكلتا يديه وجذبته إليها ....وبلحظة واحدة أنزلته على سطح السفينة،وفوجىء أنه كان الوحيد على ظهرها،وكانت دهشته أكبر حين بدأت السفينة تمخر عباب الماء متجهة إلى عرض البحر،حتى غاب الشاطىء عن ناظريه...وأحس بمزيج من الخوف والدهشة والغبطة،وبشىء من الوحشة التي مالبثت أن اختفت حين بدأت سفينته تمر بسفن كثيرة مختلفة الألوان والأشكال والأحجام........فهذه سوداء كالعباءات الثلاثة التي خلفها عند الشاطىء،وتلك بيضاء وأخرى شهباء ورابعة وخامسة .........وأخيرا رست السفينة عند شاطىء جزيرة على شكل جبل شاهق الارتفاع ،رفع بصره إلى الأعلى فرأى فوق قمة الجبل قصرا منيفا لم ير مثله أو يتخيله،وكان قوس قزح ينحدر من أسفل القصر ....إلا أن يدا مسحت شعره.........فأجفل ....ثم......فتح عينيه ليرى أنه في فراشه وحوله أكوام من اللحم الآدمي بأطوال وأحجام مختلفة لايربط بينها إلا أشباح الأغطية التي تستر أجزاء منها.

"
أبو البراء
أبو البراء

المساهمات : 262
تاريخ التسجيل : 14/02/2010
العمر : 73

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى