هذا مايسعى إليه النظام القمعي في سوريا....بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ

انطلقت الثورة السورية المباركة بعد مايزيد على أربعين عاما من الصبر على الذل والقمع والتعسف والهمجية ،ومحاولات تغيير هوية المجتمع السوري ،وجعله يعود في طراز حياته إلى عصور ماقبل التاريخ ،وتحويل سوريا إلى مزرعة كبيرة لأسرة أو طائفة أقلية دون بقية الطوائف ...وتكريس منطق فئوي طائفي قذر لاإنساني مستورد من خارج حدود مجتمعاتنا البيضاء النقية ذات التراكم الحضاري الضارب في أعماق تاريخ يربو على خمسة آلاف عام...
وقد راقب العالم هذه الانطلاقة بمواقف عدة منها المتقارب ومنها المتناقض ...هذه المواقف وظفها النظام لحسابه وبخاصة أنه أعد لمثل هذه الظروف العدة حيث جمع نصيبا كبيرا من سرقاته من البلد ليستخدمها في شراء الضمائر وتوظيفها في خدمة مشروعه الطائفي القذر ..تنفيذا
لأجندة خارجية تنطلق من إيديولوجية ضيقة وغريبة عن المنطق الإنساني.
بدأت الثورة على شكل احتجاجات مطالبة بهامش من الحرية للشعب،ولكنها مالبثت أن تعاظمت ورفعت سقف مطالبها إلى إسقاط النظام وإقامة نظام بديل يضمن للشعب بكل فئاته وللبلد حرية وكرامة وحياة عزيزة في بلد اجتمعت السماء والأرض على تقديسه وتزكية شعبه(1).
ولا ينكر أحد أن الثورة قد تعاظمت إلى درجة لم تكن متوقعة ،وهذا توضحة ردة فعل النظام القمعي الذي أخذ يمارس سياسة الأرض المحروقة ضد المدن والبلدات والتجمعات السكنية المنتقضة،كما يوضحة مسارعة بلدان الحلف المتخلف الذي يرتبط به النظام إلى بذل المساعدات غير المحدودة من أسلحة وميليشيات وتكتولوجيا اتصالات لجعل كفة النظام ترجح ،ويسرع في إخماد الثورة ..ولاشك أنني أعني هنا (إيران...روسيا...ميليشيات حزب اللات)إلى جانب من وظفهم النظام عن طريق شرائهم بمليارات أعدها من قبل وخصصها لهذه الغاية ..وطبعا هذه المليارات لم يرثها عن جده ..وإنما نهبها من دماء الشعب وعرقه وجوعه وعريه....وهنا أذكر على سبيل البرهان أن ثمن النفط والغاز خلال فترة حكم الأسد بلغ )239)مليار دولار لم يدخل في الميزانية السورية منها فلس واحد....وأترك التفصيل للقاريء.
لكنني لم أكتب مقالي هذا لأقول ماسبق فقط إنما أريد أن أقول كلمات حق منها ماهو في صالح الثورة ومنها ماهو في غير صالحها.....
لايغيب عن ملاحظات أي متتبع لأحداث الثورة أنها أذابت الخلافات الهامشية وجمعت الشباب حول هدف واحد هو إسقاط النظام كما لايغيب عنه أنها هي التي جعلت المعارضين بكل فئاتهم في الخارج يسارعون إلى تشكيل التجمعات والارتباط بجهات خارجية معظمها مشبوه ويصب في خانة نظم بديلة أكثر سوءا من نظام سوريا القمعي ...غير أن بعضها وهم قلة يتطلقون من أجندة وطنية شريفة ،إلا أن هؤلاء مضيق عليهم في بلدان الاغتراب ...ويفتقرون إلى المال الذي يستطيعون بواسطته تسسير أمور الثورة...ذلك أن التبرعات التي انصبت لصالح الثورة في معظمها وجهت إلى جهات لها صبغات دينية ..أو لنقل تأتزر بإزار الدين وتسخره للوصول إلى جيوب المتبرعين لاستخدام تبرعاتهم لتنفيذ أجندتها التي لن تكون في حال من الأحوال أفضل من النظام الذي ثار الشعب السوري عليه ويسعى إلى إسقاطه.....ولا بد من ذكر بعض أفراد من المعارضة الذين سخروا وأفرزوا من قبل النظام لضرب مايمكن أن تقوم به المعارضة الشريفة من تجميع لنفسها سعيا لدعم الثورة........كل هذا والنظام يسخر كل إمكاناته الداخلية والخارجية ويجمع أنصاره ويدفع لشركات الأمن الصهيونية العالمية ويدفع لبوتين ثمنا لسلاح متخلف منسق
يستخدمه لقمع الجماهير العزلاء المنتفضة.....وقد استطاع النظام أن يرتكب مجازر يندى لها جبين الإنسانية ...وارتكب جرائم لم يرصد التاريخ مثيلا لها منذ بدء الخليقة.....يدفعه إلى ارتكابها ويشجعه حلفه المشبوه إلى جانب دعم الصين وروسيا لأنهما تستفيدان من أموال النظام التي يبذلها لهما دون حساب لشراء أسلحة ونظم إلكترونية كانت الدولتان تهمان بتنسيقها وتدميرها
كما استفاد النظام من اختلاف فصائل الثورة في الداخل هذا الخلاف الذي يحاول أن يوسعه بزرع مناصرين له في صفوف الثوار يسعون إلى شق صفوفهم وبخاصة في المدن المنتفضة مبكرة ولم توقف نشاطها الثوري لحظة واحد نذكر على سبيل المثال (حمص...تلبيسة...الرستن...حماة...إدلب...درعا ...بانياس...ريف دمشق..دير الزور....الخ...)..كم لجأ إلى استغلال بعض ضعاف النفوس من الأقليات القومية تحت مبدأ الترغيب والترهيب فأخذوا ينضمون إليه ليعملوا(شبيحة)مع الجيش والأمن.
ثم لن يغيب عن المتتبع القريب من الثوار أن هناك فئة من الشباب المراهق ثوريا أخذوا يتجهون وجهة شبوهة قاصدين أو غير قاصدين بهدف امتطاء ظهر الثورة لتحقيق مطامع رخيصة...ومن هؤلاء من هم في الخارج ويسخرون هؤلاء المراهقين ثوريا بما يقدمون لهم من دعم مادي وتشويه فكري ليشقوا الصفوف ..وبالتالي يكون لهم موطيء قدم في قيادة الثورة ويقودونها إلى غياهب الفشل ويضحون بدماء الشهداء مرتين...ولابد أن يكون الشباب المضللين في الداخل من بين هؤلاء الضحايا.....
أنا قد لاألوم النظام والمرتبطين معه بأجندته أنهم يقتلون وينهبون ويدمرون ويحرقون بقدر ماألوم
من يقف عامدا وراء شق صفوف الثوار...ثم إني أبرر للثوار تصفية أمثال هؤلاء الخطرين على الثورة فهم في رأيي أخطر على الثورة من النظام.......
ومن أبرز مايقوم به هؤلاء المراهقون أنهم يستخدمون وسيلة التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)لتوجيه الاتهامات إلى فصائل الثورة ويرفضون الانضمام إلى الصيغ التجمعية للثوار بحيث يوجه العمل وجهة صحيحة من خلال تبعيته لقيادة موحدة......
وإني إذ أوجه نصحا إلى هؤلاء المراهقين الثوريين بأن يعودوا عن غيهم إلى صفوف الثوار فإني أهيب بمجالس الثورة في المدن والتجمعات أن يضعوا هؤلاء تحت المراقبة في الداخل والخارج ...وأن يحاولوا ردعهم بالطرق السلمية ماوسعهم ذلك...فإن فاؤوا تحقق للثوار ماأرادوا ...وإلا فلا تأخذهم فيهم رحمة ولا شفقة ولا خوف...فدماء الشهداء ليست للتجارة وليست للبيع....
اللهم إني قد بلغت...فاشهد.
(1)إشارة إلى الحديث القدسي وموضوعه أن الله اختار الشام من أرضه..واختار أهلها من خلقه.