غرق....قصة قصيرة جدا...:بقلم :عبد الرحمن سليم الضيخ

نزل نبأ غرق سفينته على نفسه كالصاعقة......إنها أول وآخر منحة من ربة الخيال ..جادت بها بعد أن لازم عتبتها عقودا....كانت تمر به ...تقطب أحيانا...وتظهر شبح بسمة أحيانا أخرى......وهب نفسه كاهنا في عتباتها......وأخيرا...كانت المنحة الأولى...والأخيرة.......لايذكر كم من الأشهر مضت وهو يعيش هناءة تغمره كل يوم.....شهر....شهران...ثلاثة...أربعة...ربما خمسة....سفينته كانت تتهادى على صفحة بحر هاديء تروح وتجيء بالسعادة والهناءة والحياة......صحيح أن بعض الحيتان الصغيرة كانت تحاول التحرش بها ولكنها كانت تتجاوزها بسهولة وتعاود سيرها الهاديء المطمئن.......لم يكن في غمرة سعادته ينسى حكايات غرق سفن انحرفت عن مسيرها ووقعت بين أنياب حفيد الماردين الأسودين....لكنه ربما كان مطمئنا إلى أن ربان سفينته كان حاذقا.......
الآن هو قابع على القارعة التي ألقته الحياة عليها....لقد انحرفت سفينته عن مسيرها...ووقعت فريسة لهياج حفيد الماردين الأسودين......تذكر يوم دشنها...هو لم يكسر عليها زجاجة نبيذ معتق....لقد ربط زجاجة الدموع التي جمعها من مسيرة حزنه الطويل...وكسرها على صفحة السفينة........
خرجت عليه ربة الخيال ومنحته هذه المرة زجاجة فارغة ليجمع فيها دموعه من جديد.