منتديات الشاعر عبد الرحمن سليم الضيخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السقوط....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ

اذهب الى الأسفل

السقوط....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ Empty السقوط....قصة قصيرة بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ

مُساهمة  أبو البراء الأحد فبراير 21, 2010 9:03 pm

كل ماحولها من أشياء تذكرها به،الجدران والسقوف والأبواب،وكل ماهو ثابت أو متحرك في هذا البيت الكبير
،والذي بنياه معا خلال عقد كامل من الزمن،حتى الأشياء المتحركة كمنفضة السجائر مثلاوالتي مايزال ابنها عدنان يستخدمها بعد رحيل المرحوم والده.
أحست بشىء من الحرج حين انفرجت شفتاها عن شبح ابتسامة لكنها سارعت إلى وضع كفها على فمها......
تذكرت شجارها الدائم معه،حين كانت تحتج على كثرة تدخينه،فقد كان يشعل سيجارة من أخرى،وحين كانت تعترض عليه وتدعو الله أن يخفي التبغ من الدنيا بشكل مفاجىء،كان ينظر إليها نظرة لامبالاة على عادته،وكأنه لم يكن المقصود بثورتها،وربما سحب نفسا كبيرا من سيجارته ونفث دخانه باتجاهها كي يثير سعالها،ثم يضحك
ضحكة تبدأ خفيفة ثم لاتلبث أن تعلو بعد أن يعلو سعالها حتى تتحول هذه الضحكة إلى سعال يختلط بسعالها مشكلا ضجة أشبه بارتطام عجلات خشبيه لعربة قديمة تصطدم عجلاته بأحجار الشارع النافرة.
حين تدحرجت دمعتان من عينيها ،نظر إليها ابنها عدنان والذي كان يبحث في ذاكرته المتعبة عن طرفة أو نكتة
يحكيها كي يخرج أمه كعادته من حزنها،لكنه حين لمح الدمعتين أمتلأت نفسه غمّا ونهض مسرعا كعادته في أمثال هذه المواقف،وقد تغيّر لون وجهه،وأطلق زفيرا قويا من خلال استغفار يعبر به عن شحنة غضب محترقة
من شدة الحزن،لتكرار هذه الحالة من قبل أمه،وحين لاحظت الأمّ ضيقه واحتجاجه انخرطت في نشيج أخذ يخرج على تحمّلها،فتحوّل إلى بكاء أشبه ببكاء الأطفال،لكنه لم يستمر طويلا،فقد استطاعت أن تخفي صوت نشيجها،ثم كفكفت دموعها وحاولت أن تخرج صوتها على شكله الطبيعي،وهي ترجو ابنها أن يعود إلى الجلوس حيث كان
يجلس،فهي كما قالت لن تبكي مرّة أخرى.
-استغفر الله العظيم.........استغفر الله العظيم....ولا حول ولا قوّة إلا بالله....اللهم صبّرنا على قدرك،كررت ذلك بشكل مسموع في البداية ثمّ مالبث صوتها أن بدأ يخفت رويدا رويدا حتى تحوّل إلى تحريك للشفاه ليس إلا......
أما عيناها فقد تركزتا على أصيص مثبت في زاوية الغرفة على طاولة صغيرة،فقد لاحظت أن الزهرة الوحيدة التي عهدتهاتتطاول بعنقها من وسط الشجرة الصغيرة،قد أخذت تميل بعنقها،كما أخذ لونها يتغير من الأحمر الرّيّان إلى البني الغامق،تحاملت على نفسها ونهضت متجهة نحو النافذة حيث وضع فيها (إبريق)ماء،لتصب منه في الأصيص لتسقي شجيرة الورد،فقد لاحظت أن التربة قد رسمت شقوقا بدت من خلالها جذور الوردة،...........
خطت خطوة.....وخطوة أخرى.....أحست بدوار داهمها فجأة ثم....ثم .........حاولت التمسك بشىء...أي شىء
إلا أن يدها أمسكت الهواء ثم ....ثم .......هوت على الأرض جثة هامدة فأحدث ارتطامها بالأرض صوتا قويا....

حين عاد عدنان من المقبرة،بعدالانتهاء من دفن أمه،توجه إلى الغرفة التي كانا فيها قبل موتها،نظر دون قصد ربما إلى الزاوية التي كانت أمه تنظر إليها.........فوقعت عيناه على الأصيص وفوجىء هو الآخر أن الزهرة التي كانت في وسط الشجيرة قد......قد سقطت هي الأخرى.
أبو البراء
أبو البراء

المساهمات : 262
تاريخ التسجيل : 14/02/2010
العمر : 73

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى