الثورة السورية...لماذا؟؟....بقلم:عبد الرحمن سليم الضيخ

أولا وقبل كل شيء أقول معترفا بملء إرادتي وأنا بكامل الأهلية ...أنا لست سياسيا وكل من تعامل معي وعرفني عن قرب يشهد بذلك والأكثر من ذلك أن كل أهل مدينتي (تلبيسة)يقولون أن كل آل الضيخ لايفهمون السياسة لأنهم حين يستلم واحد منهم منصبا يعمل بإخلاص ويخدم دون مقابل....إلا أنني لاأستطيع أن أخرج نفسي من حياة عشتها وعلى مدى ستين عاما منها أكثر من أربعين تحت ظل مايسمى بحكم الثورة(ثورة آذار)أو الحكم البعثي.....أبدأ أولا بعرض مقال قرأته في صحيفة كانت تصدر في حمص في الخمسينيات....أنقل معنى المقال......شوهد رئيس مجلس الوزراء اليوم بعد انتهاء الدوام الرسمي يركب سيارة الوزارة ويتجه إلى إحدى الضواحي....ويتساءل كاتب المقال ...هل ورثه إياها أبوه ليستخدمها لأغراض شخصية؟؟؟!!!طبعا يجيب رئيس الوزراء فيما بعد بأنه كان ذاهبا في مهمة رسمية لتفقد سير أحد المشاريع في ضاحية من ضواحي دمشق....انتهى الخبر.
وهنا لن أورد كيف كانت انتخابات مجلس النواب تحدث -فقد شهدت بعضها-ولن أذكر ماكان يحدث حين يرتكب أحد ما جريمة وكيف يحاكم دون تدخل من أحد-أعني من أصحاب السلطة-ولن أذكر بالتفصيل وضع التعليم حينها حيث كان النجاح من حظ المجيدين بغض النظر عن أهله وعشيرته وملته....كثيرة هي الشواهد التي يمكن أن أوردها....لكن هذا لايعني أنني أزكي تلك الفترة وأنحاز لنظامها....أبدا...أبدا....ولكنني أحاول أن أضع بين يدي القاريء الكريم معطيات يوازن من خلالها بين فترة يمكن أن توصف بالتخلف في معظم مناحي الحياة وفترة من المفروض -وبحسب معطيات العصر-أن تكون أكثر وعيا وتقدما وعدالة لما تعج به ساحاتها من مباديء ومثل ونظريات اجتماعية وووووإلى جانب أننا تعودنا أن نشير بناء على ماأوحي إلينا من اتهام تلك الفترة بأنها(إقطاعية...رأسمالية....استعمارية...إلخ ).كما أنني لن أذكر أن أي موظف لم يكن يجرؤ على أن يفرض على المراجع أن يدفع له رشوة ليسهل له معاملته وإن كانت أحيانا غير نظامية.
أعود إلى الجانب الآخر من مجالات المقارنة،ولن أطيل في عرض مارأيته بأم عيني وما عانيت أنا وكل الشعب السوري خلال عقود.....الحقيقة أجد نفسي محتارا من أين أبدأ؟....هاأنا أبدأ من مشاهدات عينية من استخدام الممتلكات العامة لأغراض شخصية إلى درجة أنها أصبحت قاعدة لااستثناء لها....واروي ماقاله لي أحد الموظفين في إحدى الشركات العامة(حكومية)....المدير العام الذي كفّوا يده لأن (ريحته فاحت)وأرسلوه ملحقا في إحدى السفارات السورية في أوربا...حين أراد أن يسلم لخلفه أكتشفوا أنه أفرز(15)سيارة لأقربائه....حماته ...وحماه....والأعجب من ذلك أنه أفرز(بيك أب دبل كابين)لأخيه الذي يمتلك محلا للخضار في سوق الخضار في اللاذقية ....طبعا السيارات المفرزة ..كل بترولها على حساب الشركة.......ولن أذكر كيف أفرز آلية(بلدوزر)لإعداد رأس جبل بنى عليه قصرا من قصور ألف ليلة وليلة وفتح له بآليات الشركة طريقا التفافية وصلت إلى رأس الجبل...لن أصف السورين الإسمنتيين حول القصر واللذين أعدا بشكل يعجز عن اقتحامهما جيش مسلح....لن أقول لماذا...ولكن أقول ...من أين؟؟!!...بإمكاني أن أورد مئات الحالات المشابهة...ولكنني أوفر الوقت ...وأدعو الأحباب للذهاب إلى المنطقة الساحلية في سوريا ليروا بأم أعينهم مصداقا لما ادعيته ..أو لأقل مبدئيا زعمته.فإذا لم يشاهدوا المئات من هذه القصور فليتهموني بالكذب.
أنتقل إلى الدوائر الحكومية....وياللهول....والله لن تستطيع أن تنفذ ماجئت من أجله إذا لم تدفع....أنت في الخيار...إما أن تذهب إلى يوم غد...وغدا إلى مابعد الغد وهكذا ...أو ادفع ....وهذا من منطلق عقدي ينفذونه(ماتصل إليه يدك حلال...والحرام هو مالاتستطيع يدك الوصول إليه)......أقسم ياسادة إن هذا واقع يتمزق قلبي له....ولكن ماالحيلة؟نذهب إلى المستشفيات العامة والتي كنا كسوريين نفخر أن الصحة والتعليم عندنا بخير.....ولكن أي خير صارت إليه ؟؟!!إذا ذهبت إلى مستشفى وطني يستقبلونك....ولكن الداهية هي حين تدخل المستشفى....عليك أن تكون من أصحاب النفوذ أو قريبا لأحد رجال الأمن أو من لف لفهم حتى تحظى بالعناية وإلا سوف تضطر إلى توقيع العقد مع (عزرائيل)......أما التعليم....فحدث ولا حرج....سأشير إلى الجامعات والتي كانت تخرّج من يشار إليهم ببنان الاحترام والقدير....الآن-وإن كان الأمر لم يتعد الخمسين بالمئة-عليك أن تدفع للدكتور(بين قوسين)والذي لايعدو أن يكون خريج إحدى الجامعات غير المحترمة ولن أشير إلى الدول التي تحتويها احتراما لاسم تلك الدول...وإلا لن تنجح في مادته التي يدرسها...حدثني صديق لي دكتور في إحدى كليات الآداب وكان مدرسا لمادة النحو ....قال لي كانت نسبة النجاح عندي حوالي ثمانية بالمئة ..فأرسل لي عميد الكلية(والذي هو في مهمة سياسية)وطلب مني أن أرفع النسبة فرفضت....والنتيجة أن (دكتور)غيري حل مكاني في تدريس النحو...والنسبة عنده ارتفعت إلى تسعين بالمئة.....بربكم ياأهل النحو ...والقول للدكتور...هل هذا وارد؟؟!!أما البعثات للتعلم في الخارج فهي وقف عليهم أو ادفع ...وكذلك أن تصبح عضو مجلس الشعب أو محافظا أو وزيرا.....
أما عن التهريب فحدث ولا حرج....لكن لن تستطيع تجاوز (ملك الشبيحة)فهو (ملك المهربين)وكل نشاط تهريبي لأي نوع (دخان...مخدرات...كهربائيات...إلخ)هو المعني بها.......أما عن تهريب الآثار السورية والتي بدأت منذ كان (الشبيح الأول)أحد أشقاء الرئيس السابق فقد شهدت نشاطا غير مسبوق.....والآن سألجأ إلى حديث(أقسم بالله العظيم)أن شخصا من أصدقائي القدامى كان يعمل خبير جهاز تنقيب عند المشار إليه....قال لي إنهم عثروا في أحد التلال على طريق السويداء (دار سك نقود يونانية)وقد تم تحميل اللقى الأثرية فيها علىخمس سيارات شاحنة كبيرة سار أمامها بعنجهيته(أول الشبيحة)إلى المطار حيث تم تحميلها و(إلى فرنسا)...وفيما بعد ونظرا لكثرة تجار الآثار أصدروا مرسوما بعقوبات مغلظة على هؤلاء و كان غرضه صرفهم عن هذه التجارة....وفعلا تم لهم ماأرادوا فانفردوا بتجارة الآثار ,,,وما يزالون يستنزفون آثار سوريا حتى هذه اللحظة.......أنا لن أذكر رجال الجمارك على الحدود وفي المطارات فكل من زار سوريا عرفهم عن قرب......ولكن الذي أريد قوله أنك لن تنضم إلى الجمارك إلا بناء على الانتساب أو الدفع...لأنها مربحة جدا.....فقد باع أحد الضباط المناوبين على الحدود مناوبته إلى صديقه ب(300000)ليرة سورية لأنه مضطر للغياب لزواج ابنته .....فكم مبلغ مايحصل عليه إذن؟؟!!وكيف؟؟؟!!
أما عن الوظائف...فماذا أقول؟؟!!إن كنت من أقرباء الحكم أو من أبناء طائفته(وأنا آسف لهذه الكلمة التي لاأومن بها مطلقا)فإنك تفوز بها ...وإن لم يكن أحد منهم متقدما لها(لأنها وضيعة)فعلى أبناء بقية(الملل)المتقدمين أن يدفع من يريد أن يحظى بها مبلغ(150000)ليرة سورية......فإذا ذهبت إلى أية دائرة ستجد المدير ونائبه وأكثر من ستين بالمئة من موظفيه الكبار من (ملتهم)...وأكرر أنني والله لم ولا ولن أومن بهذا الطرح(الطائفي)...ولكن؟؟؟!!....فإذا أحصيت الخريجين من شباب (الملل)الأخرى وطبعا(الأكثرية)ستجد العاطلين عن العمل بالآلاف....لاتستغرب أن تجد خريجا يعمل حمّالا في (سوق الهال)وتجد (أميا)منهم موظفا ...وربما كان موظفا في أكثر من وظيفة في أكثر من مدينة سورية ...وبأسماء مغايرة تقريبا...وسأكون دقيقا هنا.......لنفرض أن اسمه( محمد علي أحمد)فهو موظف كحارس غابات في اللاذقية باسمه وفي الحسكة باسم(محمد علي(وفي محافظة أخرى(محمد أحمد)وهكذا.....أنا لاأزعم أن هذه الحالة كثيرة جدا وإنما هي موجودة فعلا....
لن أتحدث عن الجيش والذي يعتبر مزرعة لهم ...إذ إن أكثر من تسعين بالمئة من ضباطه من (ملتهم)فقط....لن أتساءل عن البترول....لن أتساءل عن ثروات سوريا التي تعتبر من أغنى الدول العربية....لن أتساءل عن ادعاءاتهم بالتحرير ...وعدم خروج طلقة واحدة تجاه الجولان...ناهيك عن فلسطين والتي عشنا حياتنا كسوريين نضعها في قلوبنا ...ويسرقوننا ..باسمها ......لو أردت أن أتناول كل الحالات لما وسعني المجال ولاحتجت إلى وقت أكبر مما يتوفر لي.........ولكنني أقول أخيرا.......العالم كله رأى الأمن والشبيحة .....يقتلون الناس ....وسمع كذب وادعاءات النظام بوجود مخربين ...ومؤامرة....أسوق في النهاية حادثة شهدتها ...وأخرى ...سمعت بها من ثقات...أما التي شاهدتها فهي أن أحد المواطنين الفقراء من مدينتا كان ذنبه أن بيته كان إلى جانب الطريق الدولية....وكان خارجا من بيته إلى عمله(ترقيع الأحذية)وصادف خروجه من بيته مرور سيارة (شبيحة النظام)على الطريق ...فتح أحدهم نافذة السيارة وأطلق عليه رصاصة من بندقيته...والسيارة تسير....فسقط شهيدا......بالله عليكم هل ذنبه يكفي لإعدامه؟؟؟ّّ!!!!والتي سمعتها وكان لنا(آل الضيخ)نصيب منها أن خمسة من الشباب الصغار(مابين 18-22)عاما كانوا واقفين بعيدين عن الطريق العام بحدود 100مترا....يتفرجون على الدبابات المتجهة لإخماد (الأعداء)في الرستن....وقفت الدبابة ووجهت مدفعها إليهم وأطلقت طلقتين.......النتيجة مقتلهم جميعا......قال لي محدثي وبألم.....ربما يتدربون على التسديد ليذهبوا إلى الجولان ليحرروه........فضحكت من خلال دموع لم أستطع مقاومتها..........
في نهاية هذا العرض السريع......هل أجبت على السؤال الذي طرحته في العنوان؟؟؟؟؟الثورة السورية لماذا؟؟!!